أول أساس من هذه الأسس أن نعرف قيمة القرآن الكريم حتى ننزله منزلته ونقدره التقدير اللائق به، والإنسان مفطور على الاهتمام بالشيء إن كانت له قيمة، ولن يهتم بشيء إلا إذا عرف قيمته ووقف على أهميته.
1- فالقرآن هداية للمتقين، فمتى أخلص المسلم للقرآن أعطاه الله من هذا الكتاب، وهداياته ونوره وموعظته وبشراه إنما ينعم بها المؤمنون وينتفع بها المتقون: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" سورة البقرة الآية 2
2- القرآن يحتوي ما جاءت به الكتب السابقة، "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ" سورة المائدة الآية 48
3- القرآن الكريم له أسماء تنبئ عن مكانته وقيمته، فهو الذكر الحكيم: "ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ" [آل عمران : 58]، وهو الفرقان: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" [البقرة : 185]، وهو النور: "قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ" سورة المائدة الآية 15
4- القرآن هو المصدر الوحيد الذي يمكن أن نثق به في قصص السابقين وعالم الغيب والشهادة، فعن الحارث الأعور قال: "مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي، فقلت: يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنها ستكون فتنة، فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار ضمه الله، ومن ابتغى الهدي في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا يزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم".
سنن الترمذي: أبواب فضائل القرآن، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل القرآن، وقال أبو عيسى: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول. وفي حديث الحارث مقال".
5- القرآن الكريم فيه عز الأمة وذكرها ومجدها: "لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" سورة الأنبياء الآية 10
6- تلاوة القرآن نور للقلوب ونور للبيوت، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب". سنن الترمذي أبواب فضائل القرآن، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. باب : 18. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة". رواه النسائي
7- القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تمتد إليه يد بالتحريف ولا بالتغيير: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" سورة الحجرالآية 9
8- القرآن له أوصاف كلها تدل على مكانته وعظمته فهو موصوف بالبرهان: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً" [النساء : 174]. وموصوف بالرحمة والهدى والبشرى: " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " سورة النحل الآية 89
وموصوف بالبصيرة: "هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ" [الجاثية : 20]. وموصوف بالكريم: "إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ" [الواقعة : 77]. وموصوف بالحق: "المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ [الرعد : 1]. كما أنه موصوف بالحكيم، والذكر، والشفاء، والعزيز، والعظيم، والمبارك، والمبين، والمجيد، والمفصل، وغيرها من صفات.
9- القرآن كتاب الإنسانية في كل زمان ومكان؛ ولذلك نجد فيه نداءات متنوعة يخاطب فيها الناس، من ذلك نداء: "يَا أَيهَا الناس"، وقد وجدت هذا النداء متكررا في القرآن (19) مرة. كما أن هناك نداء آخر يقول: "يا بني آدم" وقد تكرر في القرآن الكريم (4) مرات.
10- القرآن يشتمل على شئون الحياة جميعا؛ فهو ليس كتاب مواعظ فقط، ولا تشريع فقط، ولا اقتصاد فقط، ولا تربية فقط، وإنما هو كتاب شامل تحدث في كل الأمور وبين كل الشئون، قال تعالى: "مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" [يوسف : 111]. ولقد قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنه: "لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى". وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها".